للمرة الثالثة يؤكد المخرج والمنتج ومصمم الرقصات الأمريكى كينى أورتيجا قدراته الهائلة في التعامل مع الأفلام الموسيقية الغنائية، بدليل النجاح الساحق لفيلمه الأمريكي "مدرسة الشباب 3: عام التخرج/ High School Musical 3: Senior Year" 2008، ليثبت أن الخبرات التى اكتسبها من عمله الطويل مع الراقص جين كيلي لم تذهب هباء.
هذا الجزء الثالث استمرار لنجاح عظيم حققته سلسلة أفلام أمريكية كلها إخراج أورتيجا وسيناريو بيتر بارسوكيني.
في البداية ظهر العمل الأول كعرض تليفزيونى إنتاج ديزنى على شاشتها 2006، تابعنا فيه حياة ستة من الطلبة الموهوبين في المدرسة الثانوية هم تروي وجابرييلا وشارباي وتشاد وريان وتايلور.
أثمر النجاح الضخم ظهور العرض المسرحي "مدرسة الشباب على المسرح! / High School Musical on Stage!" 2007 المستهلم من الفيلم نفسه، ثم ظهور الجزء الثاني "High School Musical 2" 2007 على هيئة فيلم تليفزيوني محققا نجاحا أكبر، وأخيرا ظهور الفيلم الثالث بطموح أكبر وإمكانيات أرقى، ليعرض على شاشة السينما مباشرة، وتتخطى إيراداته حاجز مئتين وعشرة مليون دولار عالميا حتى الآن.
تفاصيل إنسانية
البساطة المطلقة والإغراق في التفاصيل الإنسانية وعدم وجود حدث جلل، هي أهم ركائز الأفلام الغنائية الموسيقية خاصة الكوميدية.
تبدأ سياسة البساطة هنا من اسم الفيلم الذى يدلنا على الزمان والمكان مباشرة، بما يعنى أننا نعيش مع الطلبة المشاهير الستة في عامهم الدراسي الأخير بالمدرسة الثانوية في ولاية نيو مكسيكو الأمريكية، مع الإبقاء على مكانة زعيمى المجموعة وأكثرهم تأثيرا، وهما الرقيق المخلص تروي بولتون (زاك إيفرون) كابتن فريق القطط المتوحشة لكرة السلة بالمدرسة، الذي اكتشف ذاته وقدراته على خشبة المسرح، وهو يمثل ويغني مع زملائه. وازداد نضجا وجمالا داخليّا، عندما أحب الجميلة الهادئة جابرييلا مونتيز (فانيسا هادجنز) الموهوبة في التمثيل والغناء والرقص أيضا.
مأزق درامي إجباري وحيد يفرض نفسه الآن على البطلين مع بقية مجموعة الستة، المكونة من النرجسية شارباى (آشلى تسديل) مغنية نادي الدراما بالمدرسة، وتوأمها المرح ريان (لوكاس جرابيل) نائب رئيس نادي الدراما، وتشاد (كوربن بلو) شريك تروي في عشق السلة، وتايلور (مونيك كولمان) أذكى الفتيات وأصدق صديقات جابرييلا.
إنها السنة المدرسية النهائية، ولا بد أن يفترق الجميع لبداية المرحلة الجامعية، وجاء اشتراك المجموعة مع زملائهم كيلسى (أوليسيا رولين) وزيك (كريس وارين جونيور) وجاسون (راين سانبورن) ومارتا (كاسى سترو) وجيمى (مات بروكوب) في عرض مسرحي موسيقى غنائي واحد، من إخراج السيدة داربوس (أليسون ريد)، كفرصة نادرة ليعترفوا خلال البروفات ثم أثناء العرض بأحلامهم ومخاوفهم وآمالهم على قدر أعمارهم. فالعرض المسرحى المقترح مقتبس من حياتهم الواقعية، ورؤيتهم لهذا العام الفاصل في حياتهم الصغيرة.
تكمن المشكلة الأكبر عند البطلين؛ حيث رشحت المدرسة والمخرجة داربوس الطلبة الأربعة شاراباي وريان وكيلسي وتروي، للالتحاق بمدرسة جوليارد الشهيرة للفنون بنيويورك، لتختار واحدا منهم فقط. وماذا سيفعل تروي لو فاز بالمنحة ونمّى مواهبه المتعددة، مقابل ابتعاده عن حبيبته جابرييلا التى ذهبت بعيدا للدراسة في جامعة أخرى؟؟ .
كل الطرق إلى روما
بدون أي فلسفة، رفع المخرج مع فريق عمله شعار "كل الطرق تؤدي إلى روما".. فالتنقل للتعبير عن لحظات الحب الثنائية، والمونولوجات الخائفة الفردية، ومجموعة الصداقة الحميمية، وجيوش المدرسة المنتشرة في كل مكان بمشاعرهم المشتركة وطبائعهم المختلفة، كلها تربة خصبة جدّا لصنع مواقف تفجر الغناء والكوميديا والمشاعر البريئة بكل صدق وإخلاص.
فانطلق طابور الشعراء مع فرقة المؤلفين الموسيقيين ديفيد لورانس وماثيو جيرارد وروبى نيفل وشانكار ماهاديفان، لخلق حالات إبداعية مدهشة مفعمة بالفطرة والسذاجة والحرية.
وفتح مصممو الحركة كيني أورتيجا وبوني ستوري وتشارلز كلابو منافذ خيالهم، لتوظيف صغر أعمار الشباب وطاقتهم الحيوية الجبارة، وارتفاع معدل وقود نشاطهم الذهني والعاطفي والنفسي والجسدي وهم مقبلون على حياة جديدة.
وخصصوا مجموعة من الرقصات الصعبة للمحترفين من أعضاء فريق الدراما بالمدرسة، ونزلوا بالحمل الإبداعى قليلا مع الباقين باعتبارهم هواة أكثر، لكنهم لا يفتقدون مقومات كثيرة وهم يعبرون عن مواهبهم المختلفة؛ فالكل في هذه المدرسة يعيش حياته ويتعلم بمعنى الكلمة.
استجابة لطبيعة الفيلم ومواصفات أبطاله وقدراتهم وموقفهم الحياتي الآن، تعامل المخرج مع هذا العالم عبر كاميرات وإضاءة دانييل أرانيو ومونتاج دون بروشو وسيث فلوم من وضع الفراشة الطائرة، التى تتقافز بسعادة وبهجة وتفاؤل في كل مكان، داخل المواقع المفتوحة والمغلقة المجهزة أو الفوضوية التلقائية.
ولم يخف على مصممة الملابس كارولين ماركس ومصمم الديكور كين كيرشنر، منهج المخرج في المزج بين التكنيك السينمائي والمسرحي معا باستمرار، والتزما بقواعد الفرجة المسرحية ومتطلبات إبهارها، مع مرونة الحلول السينمائية وحرية التنقل الزمانية المكانية البصرية الجمالية الممنوحة للمتلقي.
منذ ثلاث سنوات التقى الجميع بابتسامة لحياة أفضل، والآن يفترق الجميع بضحكة وأمل في مستقبل أجمل