الدرس الأول :الحيرة أمام الورقة البيضاء هي الحال الطبيعية لطالبالرسم الذي يسائل نفسه: من أين أبدأ ؟ والجواب بالطبع هو البدء من حيث يبدأ أي طالبلأي نوع من المعرفة . طالب اللغة يبدأ بالأحرف الأبجدية ، وطالب الموسيقى يبدأبالنبرات الصوتية، أما طالب الرسم فعليه أن يبدأ بالنقاط والخطوط والأشكال، فالرسميبدأ من النقطة إلى الخط وبالتالي إلى تكوين الأشكال البسيطة فالأشكالالمركبة.
ولو تأملنا في مظاهر الأشياء حولنا، لوجدنا خطوطهاتبتدئ لنا بأشكال مختلفة . فهي من حيث النوع : مستقيمة أو منحنية أو متكسرة. وهي منحيث الانتشار : أفقية أو مائلة أو عمودية. وهي من حيث الكثافة:رفيعة أو ثخينة أومتقطعة. وهي من حيث الشكل: مربعة أو مستطيلة، مثلثة أو دائرية، منشورية أومكعبة.
لكن الخطوط ليست أشياء تجريدية وحسب، فهي، بالإضافة إلى تكوينهاللأشكال ، توحي بمعان عدة، بمعان شعورية أو لا شعورية، فما يخطه المرء يظهر بوضوحشخصيته، وهكذا كان الخط، بالنسبة إلى الإنسان، أداة للتعبير مثلما هو وسيلة للإبداعالفني. تظهر الخطوط المستقيمة التماسك وسرعة البديهة. وتعبر الخطوط المنحنية عنالسعادة والصفاء. وتبدي الخطوط المتعرجة والمتكسرة التباطؤ أو الانشغال، الاظطرابأو العربدة، الإرهاق أوالغضب.
والآن دعنا نكتشف إمكانات الخطوط في رسمالأشكال البسيطةالتي يسهل، بعد إجادة رسمها، الانتقال إلى رسم الأشكال الأكثر تعقيدا، وبالتاليالأكثر إمتاعا.
ولعله من المفيد أن نتذكر أن الخطوط المرسومة باليد هيأفضل من الناحية الفنية من الخطوط المرسومة بالأدوات الهندسية أو من الصور الملتقطةبآلة التصوير . ومع أن الدقة في الرسم شيء هام، لكنها ليست الغرض الوحيد، فالرسمكالكتابة يتطلب المرونة، فنحن عندما نضع أفكارنا في كلمات مكتوبة، لا نرسم الحروفبالمسطرة، بل ندع اليد حرة طليقة تخط الحروفبعفوية.
القياس والتأطير والخطوطالتوجيهية:
منذ نحو أربعمائة سنة، قال الفنان الإيطالي العظيمليوناردو دا فنشي في كتابة " التصوير " ما يلي: "مرنوا نظركم،وتعلموا أن تقدروابدقة طول الأشياء وعرضها. ومن أجل الوصول إلى ذلك، ليرسم أحدكم بالطبشور على الحائطخطاً مستقيماً ولينصرف الآخرون، وهم على بعد عشر خطوات منه، إلى تقدير طولهالحقيقي." هذا التمرين البسيط، الذي ينصح به الفنان دا فنشي، يؤكد أهمية تدريبالعين على تقدير الأبعاد الحقيقية للأجسام المرئية. وبما أن التقدير الصائب للأبعاديعتبر أحد العوامل الأساسية فهي الرسم، لذلك يستحسن القيام بالتمارينالتالية:
1. 1 أرسم خطاً مستقيماً ثم حدد منتصفه بوضع علامة معينة.
2. أرسم خطاً افقياً يساوي طوله طول خطينعموديين.
3. من كل نقطة على خط الأعداد , ارسم مستقيماً عمودياً يساوي المسافةبيننقطتين.
4. ارسم بعض الأشكال المقطعة إلى أجزاءمتطابقة.
كيف نقف أمام النموذج؟ ...وبأي مقياسنرسمه؟
في الرسم المباشر عن الطبيعة لابد أن نقف على بعد يعادلضعف ارتفاع النموذج المراد رسمه. فاختيار المكان المناسب يساعدنا كثيراُ علىالإلمام بالتفاصيل من دون أن نضطر إلى الالتفات يمنة أو يسرة، بل نكتفي برفعالعينين فقط، كما نستطيع القيام بعملية المقارنة ومقابلة القياسات بعضها ببعض، كأننقول مثلاً:" هذا بقياس ذاك، وذلك أطول من هذا بمرتين أو ثلاثمرات." إن ما نقوم به فعلاً هو تصغير الشيء الذي تراه أعينناكبيراً، لكن بشرط الحفاظ على النسب في المقاييس. وقد اهتدى الفنانون إلى طريقةعملية للقياس، فهم عندما يريدون قياس الأبعاد العمودية للأجسام المرئية، يمسكونالقلم على امتداد الذراع جاعلين القسم الأكبر منه ظاهراً في اليد، ثم يقابلون القلمبقسم من الجسم المرئي ويتركون الإبهام ينزلق صعوداً أو هبوطا. وهم يبقون، كي يأتيالقياس مضبوطاً، الذراع ممدودة والجسم مستقيماً. أما في قياس الأبعاد الأفقية،فأنهم يمسكون القلم بشكل أفقي ويتبعون الطريقة نفسها فيحصلون على القيس الذي يتناسبمع قياس الجسم المرئي. التأطير: كثيراً ما يتساءل الطالب المبتدئ: لماذا نؤطر الرسم ولانجعل الورقة نفسها إطاراً له؟ والجواب هو أننا بتأطيرنا للرسم نحدد المجال الذيسنتحرك ضمنه. فالتأطير يسهل حساب القياسات ويساعد على التدقيق في صحة تخطيط الشكلالعام للرسم قبل الانتقال إلى التفاصيل الموجودة فيه. كما أنه يوفر النسب الصحيحةبين أجزاء الرسم نفسه من جهة وبين أرضية اللوحة من جهةأخرى. الخطوط التوجيهية: إن أكثر الأجسام المرئية يمكن حصرها ضمن أشكال هندسية يسهل بواسطتهاتخطيط النماذج التي نرغب في رسمها. ومهما كانت أشكال الأجسام معقدة، فأنه يمكنناتبسيطيها باستخدام الخطوط التوجيهية. وعندما ينجز الرسام عمله تمحى هذه الخطوطوينقح الرسم. نهاية الدرس الأول تمنياتي بالتوفيق